حدت الجريمة التي هزت بيشة أمس الأول، وشهدت اعتداء مواطن في العقد الثالث من عمره على والديه وأخته والعاملة المنزلية ما أدى إلى مقتل والده وجرح والدته والعاملة المنزلية بجروح طفيفة، خطب الجمعة في المحافظة أمس.
وعلمت «شمس» من مصادر مقربة من أسرة الشاب، أن الشاب يعاني من حالة نفسية وعصبية بعد تعرضه لحادث مروري قبل عدة أعوام، وستبدأ شرطة بيشة التحقيقات معه اليوم، لمعرفة كافة تفاصيل القضية، قبل أن تحيل ملفه إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لاستكمال التحقيق وإحالته إلى القضاء.
واختلفت مضامين خطب الجمعة بين الأساليب الوعظية التي انتهجها أئمة المساجد، فمنهم من بقي يراهن على نصوص قطعية هي ما بعد الحدث، ومنهم من عاد ليعالج مسببات المشكلات الاجتماعية الخطيرة التي أودت بحياة أقرب الأقربين، كما طالب بعضهم بالإصلاح الاجتماعي وفق الهدي النبوي ليتم النصح والإرشاد والإصلاح بخطاب دعوي متزن يتناول موضوعات الشأن الاجتماعي من كافة الجوانب.
وأشار الشيخ عبدالله الغامدي، إلى أهمية تعزيز مثل هذه المثل والجوانب في المناهج الدراسية وإعادة النظر في اللهجة والطريقة التي يقوم من خلالها المربون والوعاظ بالدعوة إلى بر الوالدين والإحسان لهما، إذ لا بد أن يكون ذلك مقرونا بعدم الدعاء على الأبناء والإحساس بمتطلباتهم والتأثير في مجريات حياتهم كالدعاء لهم وتحمل مشاقهم، داعيا الآباء والأمهات إلى أن يحسنوا التربية والصبر على الأبناء، كما طالب الأبناء بتدبر فضل بر الوالدين في الإسلام.
وشدد على أهمية الدور المنوط بالمجتمع تجاه مثل هذه القضايا ومحاولة علاجها بالتنسيق مع أحد الطرفين وعدم التخلي عن المسؤولية الاجتماعية.
كما أوضح الشيخ صالح الشهري أحد أئمة المساجد، أنهم يستقبلون حالات كثيرة من العقوق ويتحمل فيها الأبوان والابن العاق المسؤولية المشتركة «نحاول قدر المستطاع إقناع الطرفين بأهمية تبادل البر والإحسان، ولكن ما نفاجأ به استناد عدد من الآباء على ثقافة الإهانة وإلقاء الأوامر، ويعيش الابن من جراء ذلك غربة في زمن أصبح مختلفا تماما عن كل الأزمان».
وأضاف «لا نريد أن نحمل كل طرف القضية جلها أو كلها، بل يجب أن يتحمل الأبوان والأبناء أخطاءهم وأن يعترفوا ويتنازلوا عن كبريائهم وإلا سيحدث من العنف ما لا يحمد عقباه، إذ لا يستغرب أن تهد مثل هذه القضايا العلاقة بين أفراد الأسرة».
من جهة أخرى، أرجع المختص في حقوق الإنسان الإعلامي محمد الطفيل، انتشار مثل هذه الحالات بين المجتمع إلى عوامل متعددة أبرزها المخدرات، والإهمال في التربية، والمجتمع، والبيئة، مضيفا أن الوسائل الإعلامية المتعددة والمنتشرة لها تأثير مباشر على تصرفات الشاب والفتاة «لا يستغرب حدوث مثل ذلك في واقع أصبح المربي أو الوالدان يمثلون نسبة قليلة من الـتأثير على حياة الوالدين».
ودعا لجان الإصلاح الاجتماعي ودور التربية وأئمة المساجد بدراسة مثل هذه الحالات ومسبباتها قبل الحكم بغض النظر عن حجم المشكلة ولصالح من ستكون في النهاية.
وأكد الطفيل أن الخطاب الدعوي والوعظ الإرشادي في المساجد حينما يطرح قضية البر بالوالدين فإنه يحمل الشاب والفتاة نسبة كبيرة من تحمل المسؤولية ويجعله الخاسر دائما والضعيف أمام رؤى وتصورات الوالدين ورغباتهم، في حين أن الإسلام دعا إلى الإحسان في التربية للأبناء وتهيئة الحياة الأسرية بالبر والإحسان والعفو منذ نعومة أظفار الأبناء وعدم التشكيك فيهم وتعنيفهم وتنصيب العداء لهم وتحميلهم كل الأخطاء «الآباء والأمهات في العادة يحملون أخطاءهم للأبناء ويسقطون كل السلبيات في حياتهم عليهم ليصبحوا هم في برج عاجي لا يحملون أنفسهم ولو جزءا من الخطأ».