الرياء والسمعه
هو الشرك الأصغر كما بيبنه الرسول صلى الله عليه وسلم، والرياء محبط للعمل المصاحب له لأن الله أغنى الشركاء، كما صح ذلك في الحديث القدسي: "قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه".
ومما يدل على خطورة الرياء أن أول من تُسَعَّر بهم النار يوم القيامة جماعة من المرائين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتي به فعرَّفه نعمته، فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت؛ قال: كذبتَ، ولكنك قاتلت لأن يقال جريء! فقد قيل؛ ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأتي به، فعرَّفه نعمته فعرفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: تعلمتُ القرآن وعلمته، وقرأت فيك القرآن؛ قال: كذبتَ، ولكنك تعلمت ليقال عالم! وقرأتَ القرآن ليقال هو قارئ! فقد قيل؛ ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار؛ ورجل وسَّع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال، فأتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقتُ فيها لك؛ قال: كذبتَ، ولكنك فعلتَ ليقال هو جَوَاد! فقد قيل؛ ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار"
يا ترى هل هناك أفضل من تعلم القرآن، والعلم، والجهاد بالنفس، والتصدق بالغالي والنفيس؟ لا أعتقد، ولكن كل هذه الأعمال الجليلة والعبادات النبيلة بطلت وخسر أصحابها بسبب الرياء والسمعة، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "من سمَّع سمَّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به".
كان السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم يخافون الشرك والرياء والنفاق، فقد سأل عمر رضي الله عنه حذيفة أمين سر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنافقين: ناشدتك بالله هل سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم؟ قال: لا؛ أوكما قالا، وقال ابن أبي مليكة رحمه الله: أدركتُ ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلاً يخشى على نفسه من النفاق.
فما الذي أخاف السلف وأزعجهم وطمأننا نحن سوى العطالة، والبطالة، والعجز، والغفلة، وطول الأمل، وحب الدنيا؟!
قال أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: والله إني لأعمل العمل لله فإذا اطلع عليه سرني؛ فقال: "إن الله لا يقبل من العمل ما شورك فيه".