رحمة النبي - صلى الله عليه وسلم ـ بالحيوان
حقا هو رحمة الله للناس أجمعين، عربهم وعجمهم، مؤمنهم وكافرهم، بل شملت رحمته ـ صلى الله عليه وسلم ـ العجماوات من الطير والحيوان، فكان رحمة لمن على الأرض جميعا، كما قال الله تعالى : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }(الأنبياء:107) ..
وينطلق الهدي النبوي للرحمة بالحيوان في توازن يجمع بين منفعة الإنسان، وبين الرحمة والرفق، فيأمر برحمة الحيوان وعدم القسوة معه، ولا يتجاهل احتياجات الإنسان الغذائية والمعيشية التي تتطلب الانتفاع به .. ومن ثم فلا يسمح بالعبث بالحيوانات أو إيذائها أو تكليفها ما يشق عليها، ولا يوافق على قول بعض جماعات الرفق بالحيوان المعاصرة التي تدعو إلى منع قتل الحيوانات بالكلية، تذرعاً بالرفق معها وحماية حقوقها ..
ومن الرحمة بالحيوان والطير في هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه لا يجوز تعذيبها ولا تجويعها، أو تكليفها ما لا تطيق، ولا اتخاذها هدفا يرمى إليه، بل وتحريم لعنها، وهو أمر لم ترق إليه البشرية في أي وقت من الأوقات، ولا حتى في عصرنا الحاضر، الذي كثرت فيه الكتابات عن الرفق بالحيوان ..
وقد شدد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المؤاخذة على من تقسو قلوبهم على الحيوان ويستهينون بآلامه، وبين أن الإنسان على عِظم قدره وتكريمه على كثير من الخلق، فإنه يدخل النار في إساءة يرتكبها مع الحيوان، فقد دخلت النار امرأة في هِرَّة، حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها.. وفي المقابل دخلت الجنة امرأة بغي في كلب سقته، فشكر الله تعالى لها فغفر لها ..
وإن استقراء صور الرحمة بالحيوان في سيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر يطول، فقد تعددت مظاهر وصور هذه الرحمة،