أحد الأطفال كان يلعب في داخل المنزل وأثناء اللعب كسر زجاج النافذة ..جاء أبوه إليه بعد أن سمع صوت تكسر الزجاج وسأل: من كسر النافذة؟ قيل له: ولدك. فلم يتمالك الوالد أعصابه فتناول عصا غليظة من الأرض وأقبل على ولده يشبعه ضرباً على يديه وسائر جسمه
أخذ الطفل يبكي ويصرخ وبعد أن توقف الأب عن الضرب جرّ الولد قدميه إلى فراشه وهو يشكو الإعياء والألم فأمضى ليله فزعاً
أصبح الصباح وجاءت الأم لتوقظ ولدها, فرأت يداه مخضرّتان فصاحت في الحال وهبّ الأب إلى حيث الصوت وعلى ملامحه أكثر من دهشة! وقد رأى ما رأته الأم...فقام بنقله إلى المستشفى وبعد الفحص قرر الطبيب أن اليدين متسممتان وتبين أن العصا التي ضرب بها الطفل كانت فيها مسامير قديمة أصابها الصدأ, لم يكن الأب ليلتفت إليها لشدة ما كان فيه من فورة الغضب, مما أدى ذلك إلى أن تغرز المسامير في يدي الولد وتسرّب السمّ إلى جسمه فقرر الطبيب أن لا بدّ من قطع يدي الطفل حتى لا يسري السم إلى سائر جسمه فوقف الأب حائرا لا يدري ما يصنع وماذا يقول؟؟؟
قال الطبيب: لا بدّ من ذلك والأمر لا يحتمل التأخير فاليوم قد تقطع الكف وغداً ربما تقطع الذراع وإذا تأخّرنا ربما اضطررنا أن نقطع اليد إلى المرفق ثم من الكتف, وكلما تأخّرنا أكثر تسرب السم إلى جسمه وربما مات
لم يجد الأب حيلة إلا أن يوقّع على إجراء العملية فقطعت كفي الطفل وبعد أن أفاق من أثر التخدير نظر وإذا يداه مقطوعتان فتطلّع إلى أبيه بنظرة متوسلة وصار يحلف أنه لن يكسر أو يتلف شيئا بعد اليوم شرط أن يعيد إليه يديه
لم يتحمل الأب الصدمة وضاقت به السُبُل فلم يجد وسيلة للخلاص والهروب إلا أن ينتحر, فرمى بنفسه من أعلى المستشفى وكان في ذلك نهايته
جاء الشاعر عدنان عبد القادر أبو المكارم ليصوغ قصته في قالب شعري حزين
كــســر الــغــلام زجـــــاج نــافـــذة الـبــنــا
مــن غـيـر قـصـد شـأنـه شــأن البـشـر
فـــأتــــاه والـــــــده وفـــــــي يـــــــده عـــصــــا
غـضـبـان كالـلـيـث الـجـســور إذا زأر
مــســـك الــغـــلامَ يـــــدق أعــظـــم كــفـــه
لـم يبـق شيئـاً فــي عـصـاه ولــم يــذر
والـطـفــل يــرقــص كـالـذبـيـح ودمــعـــه
يجري كجري السيل أو دفق المطر
نــام الـغـلام وفــي الصـبـاح أتــت لــه
الأم الــــرؤوم فأيـقـظـتـه عــلــى حـــــذر
وإذا بــكــفـــيـــه كـــغــــصــــن أخـــــضــــــر
صرخـت فجـاء الـزوج عايـن فانبـهـر
وبلـمـحـة نـحــو الـطـبـيـب ســعــى بــــه
والـقـلـب يـرجــف والـفــؤاد قـــد انـفـطـر
قــــال الـطـبـيــب وفـــــي يــديـــه وريــقـــة
عــجّــلْ ووقّــــعْ هـاهــنــا وخـــــذ الـعــبــر
كـــف الــغــلام تـسـمـمـت إذ بـالـعـصـا
صــــدأ قــديــم فـــــي جـوانـبـهــا انـتــشــر
فـي الحـال تقطـع كـفـه مــن قـبـل أن
تـسـري السـمـوم بـــه ويـــزداد الـخـطـر
نـادى الأب المسكيـن واأسفـي علـى
ولــــــدي ووقّــــــعَ بــاكــيــا ثــــــم اســتــتـــر
قـطــع الطـبـيـب يــديــه ثــــم أتــــى بــــه
نحـو الأب المنهـار فـي كـف الـقـدر
قــــــال الـــغـــلام أبـــــــي وحـــــــق أمـــــــي
لا لــن أعــود فــرُدََّ مــا مـنــي انـبـتـر
شُــــدِهَ الأب الـجــانــي وألــقـــى نـفــســه
مــن سـطـح مستشـفـىً رفـيـعٍ فانـتـحـر